تظهر أعراض انقطاع الطمث في مرحلة محددة من عمر كل سيدة ضمن لوحة حيوية متكاملة وطبيعية من الأسباب والأعراض، ولكن هل يمكن أن يكون انقطاع الطمث خطيرًا؟ ومتى يحدث؟ والى متى تستمر أعراض انقطاع الدورة؟ وما العلاجات المتوفرة؟ سنسلط الضوء هنا على إجابات هذه الأسئلة، مع التطرق إلى الكثير من المعلومات الأخرى.
ما هو انقطاع الطمث؟
تتعدد المصطلحات التي تطلق على انقطاع الطمث (menopause)، ومنها سن اليأس أو سن الأمل وسن الضهي. وتعبر جميعها عن مرحلة توقف الدورة الشهرية بشكل دائم؛ وذلك نتيجة توقف المبيضين عن إنتاج البويضات والهرمونات الأنثوية.
متى يحدث انقطاع الطمث؟
تحدث أعراض انقطاع الطمث عادةً عند السيدات بالأعمار ما بين 40 و50 سنة، وتلعب العوامل الوراثية والعرقية والفيزيولوجية دورًا مهمًا في تحديد العمر. يعتبر ظهور أعراض سن اليأس في الأربعين أمرًا محتملًا، لكن ظهورها بالثلاثينيات أمر نادر جدًا، وسنتطرق إلى ذكر أسبابه.
مرحلة ما قبل انقطاع الطمث
يطلق على مرحلة ما قبل انقطاع الطمث سن الإياس، ويشير إلى المرحلة الانتقالية التي ينتقل خلالها الجسم طبيعيًا إلى سن اليأس. وتبدأ فيها أول علامات انتهاء الدورة الشهرية نهائيا، مما يشير إلى نهاية سنوات الإنجاب.
يحدث أثناء هذه المرحلة ارتفاع مستويات الإستروجين وانخفاضها بشكل غير منتظم؛ لذلك تلاحظ الأنثى طول دورة طمثها أو قصرها. ويترافق ذلك مع بدء أعراض انقطاع الإباضة؛ حيث لا يمكن للمبيضين إطلاق أي بويضات، بالإضافة إلى بدء عوارض تشبه أعراض انقطاع الطمث؛ وخاصةً الهبات الساخنة، ومشاكل النوم، وجفاف المهبل.تبدأ مرحلة ما قبل انقطاع الطمث في أعمار مختلفة، وقد تلاحظ في أوائل منتصف الثلاثينيات أو بداية الأربعينيات أو منتصفها عمومًا. وتنتهي هذه المرحلة بعد مرور 12 شهرًا متتاليةً من دون حيض، وهنا يبدأ سن اليأس.
أسباب انقطاع الطمث
يعزى سبب انقطاع الطمث إلى اضطراب إفراز الإستروجين والبروجسترون بشكل طبيعي، حيث تبدأ مستوياتهما بالتأرجح ما بين ارتفاعٍ وانخفاض إلى أن تصل لمرحلة الانقطاع. وينجم عن هذا الانقطاع ظهور أعراض انقطاع الطمث.
إليك عوامل الخطورة التي يمكن أن تعجّل ظهور أعراض انقطاع الطمث:
- التدخين؛ إذ تبدأ أعراض سن اليأس الجسدية والنفسية أبكر بعام أو عامين عند النساء المدخنات.
- التاريخ المرضي للعائلة؛ تلعب العوامل الوراثية دورًا هامًا في الظهور المبكر أو المتأخر لأعراض انقطاع الطمث، إذ يرتفع احتمال الوصول المبكر لسن اليأس عند النساء ذوات التاريخ العائلي لانقطاع الطمث المبكر، وهو أهم أسباب انقطاع الدورة الشهرية في سن الأربعين. ومن جهة أخرى فقد تحدث أعراض انقطاع الطمث في سن الخمسين أو ما بعده؛ بسبب وجود تاريخ عائلي لتأخر سن اليأس.
- علاج الأورام؛ أثبتت العديد من الدراسات ارتباط العلاج الكيميائي أو الشعاعي للسرطان بانقطاع الطمث المبكر، وخاصةً إذا تموضع الورم في منطقة الحوض.
- استئصال الرحم مع أو بدون المبيضين، مع عدم تناول الأدوية المعاوضة للهرمونات.
- الإصابة بفشل أو قصور المبيض الأولي؛ الذي تعاني منه حوالي 1% من النساء، بسبب الإصابة بمرض مناعي محدد أو متلازمة تيرنر، أو بصورة نادرة عند الإصابة بالسل أو النكاف أو الملاريا، أو نتيجة عوامل وراثية تؤدي إلى إضعاف المبايض.
اقرأ ايضاً : ما هي أيام التبويض؟
أعراض انقطاع الطمث
تتجلى أعراض انقطاع الطمث بالآتي:
- التغيرات في دورتك الشهرية؛ حيث قد تحدث الدورات خلال فترات متقاربة وغير منتظمة أو تتأخر كثيرًا، كما قد يحدث نزيف حاد أو خفيف جدًا، أو قد تعود دورتك بعد انقطاعها لأكثر من عام مثلًا.
- الهبات الساخنة؛ التي تعاني منها معظم النساء، وقد تستمر لعدة سنوات بعد انقطاع الطمث. وهي شعور مفاجئ بالحرارة يجتاح الجزء العلوي من الجسم أو كامل الجسم بدءًا من الصدر، وقد يصبح الوجه والرقبة محمرين بشدة، كما قد تظهر بقع حمراء على الصدر والظهر والذراعين. يترافق هذا الشعور أحيانًا بالتعرق الشديد أو القشعريرة. وتتفاوت شدة الهبات الساخنة؛ ما بين خفيفة جدًا وشديدة للدرجة التي توقظك من النوم، وتتراوح مدتها ما بين 30 ثانية و10 دقائق خلال الساعة الواحدة أو اليوم أو الأسبوع.
- فقدان السيطرة على المثانة؛ مما يؤدي إلى سلس البول.
- مشاكل في النوم؛ والتي تتجلى إما بالأرق أو الاستيقاظ مبكرًا جدًا وعدم القدرة على النوم ثانيةً.
- التغيرات في المزاج؛ التي تتجلى بالانفعال أو تقلب المزاج المفاجئ، وقد تصل بعض النساء إلى مرحلة الاكتئاب.
- تغير شكل الجسم؛ إذ يمكن أن يصبح جسم المرأة أكثر تشبهًا بجسم الرجل، أو قد يزيد وزنها نتيجة تباطؤ عملية الأيض. ويصبح جلدها أرق وأكثر جفافًا، ويبدأ شعرها بالتساقط والتقصف، وقد تصاب بعض النساء بالصلع حتى، وخاصةً عند وجود استعداد وراثي. كما تبدأ بالمعاناة من مشاكل بالذاكرة والتركيز والآلام بالمفاصل والعضلات.
- جفاف المهبل.
- ترهل الأثداء.
- انخفاض الرغبة الجنسية، والألم خلال الجماع.
- التعب والصداع.
مضاعفات انقطاع الطمث
إن فوائد انقطاع الدورة الشهرية غير موجودة؛ لأنها حالة طبيعية وصحية، وتلعب دورًا مهمًا بالحفاظ على صحة جهازك الدوراني والتناسلي وغيرهما. وينجم عن انقطاعها الكثير من المضاعفات الخطيرة، فقد تتطور أعراض انقطاع الطمث عند بعض النساء إلى الإصابة بأمراض يصعب علاجها أو يستحيل، وهنا تكمن خطورة الدخول بسن اليأس. وإليك أهم مضاعفاته:
- أمراض القلب والأوعية الدموية؛ نتيجة ارتفاع مستويات الكوليسترول الضار (LDL) وارتفاع ضغط الدم، مع التأثيرات السلبية على الأوعية الدموية والخلايا القلبية المرافقة لانخفاض الإستروجين.
- هشاشة العظام أو ترققها؛ وبالتالي زيادة خطر الإصابة بالكسور وخاصةً كسور العمود الفقري والمعصمين والوركين.
- سلس البول؛ بسبب فقدان أنسجة المهبل والإحليل لمرونتها، مما يؤدي إلى خروج البول مع الضحك أو السعال أو العطس أو رفع الأشياء. وقد يتلو ذلك الإصابة بالتهابات الجهاز البولي.
اقرأ ايضاً : متى تظهر أعراض الحمل واهم النصائح للأم الحامل
تشخيص انقطاع الطمث
يعتمد تشخيص سن اليأس على تقصي أعراض انقطاع الطمث، ومعرفة التاريخ العائلي. وعادةً ما تدرك معظم النساء أنهن دخلن بهذه المرحلة بعد بلوغهن لعمر محدد، ويشخصه الأطباء بعد مرور 12 شهرًا من دون دورة شهرية.
ولكن يصبح الأمر مستغربًا وغير مقبول عند الإصابة بانقطاع الطمث المبكر، ومن المهم هنا التوجه إلى الطبيب المختص، الذي يطلب بدوره إجراء اختبارات الدم للتحقق من:
- مستويات الهرمون المنبه للجريب والإستروجين وتحديدًا الإستراديول، إذ تكون مستويات الهرمون المنبه للجريب متزايدة، أما مستويات الإستراديول فتنخفض مع بدء المرحلة.
- مستويات هرمون الغدة الدرقية؛ لأن قصور الغدة الدرقية قد يسبب أعراضًا تشبه أعراض انقطاع الطمث.
يفضل إجراء تحليل للفيتامين D، مع اختبار الكثافة العظمية بعد انقطاع الطمث بسنة على الأقل؛ لتحديد احتمال الإصابة بترقق العظام.
كما ينبغي تقصي مستويات الكولسترول وفحص القلب والأوعية الدموية مرة سنويًا؛ لتحديد مدى تأثير انقطاع الطمث عليها.يمكنك الاستفادة من برامج وأدوات حساب الدورة الشهرية؛ لتحديد الوقت الدقيق لدورتك، مما يفيد بتتبع التغيرات التي تطرأ على انتظامها.
علاج انقطاع الطمث
يعد انقطاع الطمث بعد سن محدد أمرًا طبيعيًا، وبالتالي لا تحتاج أي علاج. وتقتصر العلاجات الممكنة على الأدوية والممارسات المخففة لأعراض انقطاع الطمث، والتي تحد من حدوث المضاعفات للتحكم بالحالات المزمنة اللاحقة قدر الإمكان.
أما علاج الإصابة بسن اليأس المبكر فيتعلق بعلاج المرض أو المشكلة التي أدت إليه، مع إمكانية إعطاء الأدوية التي تخفف شدة الأعراض.
إليك الأدوية التي يمكن وصفها خلال لتخفيف أعراض سن اليأس:
- العلاج الهرموني؛ وذلك بإعطاء هرمون الإستروجين أو مشتقاته الدوائية. يعد من أفضل خيارات العلاج وخاصةً للهبات الساخنة، ويصفه الطبيب بناءً على حالتك السريرية وتاريخك الطبي والعائلي. ويفضل أغلب الأطباء وصفه بأقل جرعة ممكنة وأقصر زمن؛ بسبب احتمال الإصابة اللاحقة بسرطان بطانة الرحم، ولتخفيف هذا الاحتمال يفضل إضافة البروجسترون أو مشابهاته للخطة العلاجية.
- الإستروجين المهبلي؛ وذلك للتقليل من جفاف المهبل، ويمكن استخدامه على شكل كريم موضعي داخل المهبل أو أقراص أو حلقة مهبلية.
- مضادات الاكتئاب منخفضة الجرعة؛ يمكن أن تعدل الأدوية المضادة للاكتئاب من زمرة مثبطات إعادة قبط السيروتونين الانتقائية الحالة المزاجية للسيدة. كما أثبتت بعض تجارب النساء في انقطاع الطمث أهمية استخدام هذه الأدوية للتخفيف من الهبات الساخنة.
- الجابابنتين؛ الذي يفيد عند النساء اللاتي تعانين من الهبات الساخنة ولا تستطعن استخدام المعاوضات الهرمونية.
- الكلونيدين؛ المتوفر على شكل حبوب أو لصيقات جلدية، والذي يستخدم لعلاج ارتفاع ضغط الدم، وقد يوفر بعض الراحة من الهبات الساخنة.
- الفيزولينتانت؛ الذي يوصف أيضًا لعلاج هبات الحرارة لدى النساء غير القادرات على تناول الأدوية الهرمونية. ويعمل عبر تثبيط مستقبلات مادة كيميائية في الدماغ تدعى نيوروكينين 3؛ التي تتدخل بتنظيم درجة حرارة الجسم.
- زهرة الربيع المسائية؛ التي يمكن أن تؤخذ على شكل كبسولات أو زيت يضاف إلى الأطعمة النيئة. لقد أثبتت الدراسات أهمية تناول هذا العقار النباتي؛ لتخفيف الهبات الساخنة، وتقليل التهيج والاكتئاب، بالإضافة إلى تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية، وتحسين صحة الجلد وعلاج جفافه.
- أدوية هشاشة العظام؛ التي تتمثل بالمكملات الغذائية الحاوية على الكالسيوم والفيتامين D. بالإضافة إلى البيزفوسفونات كالأليندرونات في حالات معينة.· الأدوية المساعدة على النوم؛ التي توصف من قبل طبيب بعد تقييم الحالة. ومن أهمها الأدوية الحاوية على الميلاتونين والتي تعطي تأثيرات جيدة بعد سن الـ 60، ومضادات الهيستامين من الجيل الأول؛ مثل الديفنهيدرامين والدوكسيلامين.
العلاج غير الدوائي لأعراض انقطاع الطمث
تفيد بعض الممارسات غير الدوائية في تحسين حالة السيدة التي تعاني من أعراض انقطاع الطمث، وإليك أهمها:
- اتباع نظام غذائي غني بالكالسيوم والمغنزيوم وفيتامين D، وغني بالفلافونوئيدات كالخضار الفواكه المتنوعة، والفيتوإستروجينات مثل: فول الصويا وبذور الكتان.
- ممارسة الرياضة بانتظام؛ لتنشيط الدورة الدموية وتقوية العضلات. كما تفيد تمارين كيغل للحوض بتخفيف مشاكل الجهاز البولي، ومن المهم اختيار الوقت المناسب للرياضة.
- تجنب تناول المحفزات المحتملة للهبات الساخنة؛ مثل: التوابل والمنبهات كالكافيين والإجهاد والتواجد في مكان حار.
- أخذ حمام بارد أو شرب الماء البارد.
- الحفاظ على وزن صحي مناسب لكل جسم.
- استخدام مزلق طبي أثناء الجماع؛ للتخفيف من الألم الناجم عن جفاف المهبل.
- الحصول نوم كافٍ؛ وتجربة الممارسات التي تساعد على النوم كتناول اللبن قبل النوم، أو قراءة كتاب ممل، وتجنب المنبهات والتدخين والوجبات الثقيلة، وتجنب مشاهدة التلفاز قبل موعد النوم والقيلولة في النهار. كما من المفيد تناول بعض الأعشاب المساعدة على النوم؛ كالبابونج والبنفسج والفاليريان.
- تخفيف التوتر والإجهاد اليومي، وتجربة تقنيات الاسترخاء كاليوغا وقراءة الكتب وقضاء وقت أكثر بين أحضان الطبيعة الهادئة، واستخدام زيت الخزامى.
ننصحك أخيرًا بالاهتمام بصحتك النفسية والجسدية، والانتباه إلى التغيرات الدقيقة التي تطرأ على جسدك مع عدم المبالغة طبعًا. ويعد اتباع أسلوب حياة صحي ومنظم من أهم طرق المحافظة على جسم سليم قادر على تقبل التغيرات بأفضل ما يمكن؛ إذ يعد انقطاع الطمث والمرحلة التي تسبقه من الحالات الطبيعية التي ينبغي التعايش معها.
أدوات قد تهمك :